بسم الله الرحمن الرحيم
استعدادات الحج
:
ونحن على أعتاب فريضة الحج العظمى ، ونحن في هذه الأيام الفاضلة الشريفة المحرمة ، ونحن على أعتاب موسم التوبة وغفران الذنوب .. نقف هذه الوقفات لنذكر أنفسنا وإخواننا من ضيوف الرحمن ، ونهدي إليهم عدداً من النصائح والإرشادات التي ينبغي أن لا تغيب عن الأذهان وأن لا تفقد في السلوكيات .
وإنها لأمور نعرفها ، ولكن كثير منا يغفل عنها ولا يستحضرها ، ولا يتمثل بها كما ينبغي أن يكون التمثل والتحقق .
إن إقدامك على أي أمرِ من الأمور لا بد له من التهيأ والاستعداد ، ونحن في هذا المقام نتحدث عن استعدادات الحج ، ولا نعني في هذا الحديث أن نتحدث عن الطعام والشراب ، ولا عن المساكن والخيام ، ولا عن شيءِ من هذه الأمور التي بحمد الله - عز وجل - يسرها الله - عز وجل - على أتمّ وأكثر ما يمكن أن تكون ، ويسّر الله - عز وجل - أسباباً لها كثيرة ، ووسائل لها عديدة غير أن الحديث إنما هو عن الاستعداد الإيماني والعلمي والعملي لهذه الفريضة العظيمة .
أولاً : كل أحدٍ يذهب إلى زيارة أخٍ صديق في بيته ومنزله ؛ فإنه يستعد لذلك ، ويلبس أحسن ثيابه ، وربما تطهّر وتطيّب ؛ لأنه يريد أن يظهر في أحسن صورة ؛ لأنه سيعرض نفسه للناس وسيراه الجمع الذي يأتي لهذه الزيارة .. فكيف إذا كان هذا الأمر يتوجه به إلى عظيمِ من العظماء أو ملكِ من الملوك ؟ فكيف بك عبد الله وأنت تقدم على مولاك وعلى ربك - سبحانه وتعالى - .
إن أول أمرٍ تحتاج إليه هو: التوبة والتطهر ؛ لا يليق بك أن تقدم على الله - عز وجل - وأنت متلطخُ بأدناس المعاصي .. لا يليق بك أن تأتي إلى بيت الله - عز وجل - وأنت في أسد وأوحال الذنوب والشهوات الآثمة والمعاصي المحرمة .
لا يليق بك أن ترفع يديك إلى السماء ، وقد خلفت وراءك كثيراً من المعاصي التي لم تغيّر منها ساكناً ، ولم تبدل منها قائماً ، إنه لا ينبغي لك إن كنت صادقاً مع نفسك أولاً ، وإن كنت صادقاً مع ربك قبل ذلك أنه لا ينبغي لك أن تقبل ، وأن تقدم غلا بعد أن تعلن التوبة الصادقة لله - عز وجل - .
إنه ينبغي لك أن لا تنسى هذا المعنى العظيم ، وأن تحسن الإقبال على الله - عز وجل - تطهراً وتهيئاً وتوبةً .. ينبغي لك أن تغسل نفسك بدموع الندم ، وأن تطهر قلبك بحرقة الألم ، وأن تهذّب نفسك بمرارة الأسى على ما فات من الأوقات ، وعلى ماارتكبت من المعاصي والمحرمات .
إنه ينبغي لك أن تطهر نفسك وقلبك أن تشعر بأنك تريد أن تبدأ صفحةَ جديدة ، ولا يمكن لأحدٍ أن يبدأ عاماً جديداً حتى يصفّي حسابات ما مضى ، ولا بد لك بهذا أن تعتني بصدق التوبة الكاملة ، والندامة الحقيقية ، والاستغفار الصادق لله - عز وجل - ليكون إقبالك والنفس قد تهيأت ، والقلب قد تطهّر ، وعندك المؤهلات التي ترجوا بها قبولاَ عند الله - سبحانه وتعالى - .
كيف تقبل وتقدم وخلفت ورائك أموالاَ كسبتها بالحرام ؟ وخلفت ورائك بيتاً ملأته بما لا يرضاه الله - عز وجل - من الأمور التي فيها معاصي وآثام ؟
كيف تقبل على الله - عز وجل - وخلّفت ورائك من أهلك نساءً متبرجات ، وشباباً لاهين عابثين ؟
كيف تريد أن تقبل وأن تطلب وأنت قد سددت الطرق ؟ كما قال بعض السلف :" سددتم طريق الدعوات بالمعاصي والشهوات " .